مستقبل القواعد العسكرية في سوريا: دمشق تضع شروطها لبقاء روسيا وتركيا وأمريكا

منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، تشهد سوريا تحولات سياسية وعسكرية كبرى، لا سيما فيما يتعلق بعلاقاتها مع القوى الأجنبية التي تمتلك وجودًا عسكريًا على أراضيها. وفي هذا السياق، أكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أن بلاده منفتحة على استمرار الوجود العسكري الروسي في قاعدتي طرطوس وحميميم، لكن ذلك مشروط بمدى الفوائد التي يمكن أن تحققها سوريا من هذه الاتفاقيات.

موقف سوريا من القواعد الروسية

خلال حوار أجراه مع صحيفة “واشنطن بوست”، أوضح وزير الدفاع السوري أن دمشق تنظر إلى استمرار الوجود الروسي من منظور المصلحة الوطنية، مشيرًا إلى أن العلاقات مع موسكو شهدت تحسنًا كبيرًا منذ الإطاحة بالأسد. وأضاف أبو قصرة أن مناقشة القواعد الروسية جزء من المفاوضات الجارية بين الطرفين، مؤكدًا أنه “إذا حصلنا على فوائد لسوريا من هذا التعاون، فلن يكون هناك مانع لاستمرار الوجود الروسي”.

وفيما يتعلق بمصير الرئيس المخلوع بشار الأسد، رفض وزير الدفاع السوري تأكيد ما إذا كان الرئيس السوري أحمد الشرع قد طلب تسليمه خلال لقاءاته مع المسؤولين الروس في يناير الماضي، لكنه أكد أن مسألة محاسبة الأسد قد أُثيرت خلال المباحثات.

الموقف الروسي والمفاوضات المستمرة

لم تصدر موسكو أي تعليق رسمي حول ما إذا كانت قد ناقشت مستقبل الأسد مع الحكومة السورية الجديدة، لكن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أكد أن المفاوضات حول الوجود العسكري الروسي في سوريا مستمرة. وأضاف أن “حتى الآن، لم يتغير شيء، ولكننا اتفقنا على مواصلة المشاورات بشكل أعمق”.

المفاوضات حول القواعد الأمريكية والتركية

لم تقتصر التحركات السورية على العلاقات مع روسيا فقط، بل تشمل أيضًا المفاوضات بشأن القواعد العسكرية الأمريكية والتركية في البلاد. وأوضح وزير الدفاع السوري أن دمشق تبحث مع أنقرة إمكانية “إعادة توزيع” القوات التركية في الأراضي السورية، في إطار اتفاق عسكري جديد. أما فيما يتعلق بالقواعد الأمريكية في شمال شرق سوريا، فأكد أبو قصرة أن المفاوضات مع واشنطن لا تزال جارية.

تحولات استراتيجية في المشهد السوري

تأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه سوريا إعادة تشكيل لمشهدها السياسي والعسكري، حيث تسعى الإدارة الجديدة إلى تعزيز سيادتها والتفاوض على صياغة علاقات جديدة مع القوى الأجنبية الموجودة على أراضيها. ويرى مراقبون أن دمشق تحاول تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية عبر هذه المفاوضات، خاصة في ظل الضغوط الدولية على مختلف الأطراف للحد من التوترات في المنطقة.

يبقى مستقبل القواعد العسكرية الأجنبية في سوريا رهنًا بالمفاوضات الجارية، حيث تسعى الحكومة الانتقالية إلى ضمان سيادتها وتحقيق مكاسب استراتيجية من أي وجود عسكري أجنبي على أراضيها. وبينما تستمر المباحثات مع روسيا وتركيا والولايات المتحدة، يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى ستتمكن دمشق من فرض شروطها في هذه المعادلة المعقدة؟

المصدر: واشنطن بوست

اترك تعليقا