ماذا جاء في خطاب الشرع خلال مؤتمر الحوار الوطني؟

افتتح الرئيس السوري أحمد الشرع مؤتمر الحوار الوطني في دمشق بحضور مئات الشخصيات، في خطوة يصفها النظام بأنها تمثل نقطة تحول في مسار بناء الدولة بعد سنوات من الصراع، فيما يعتبرها معارضون محاولة لإعادة إنتاج السلطة بواجهة مختلفة دون تغييرات جوهرية.

وجاءت كلمات الشرع خلال الجلسة الافتتاحية محملة برسائل تؤكد على ضرورة التمسك بوحدة البلاد واحتكار السلاح بيد الدولة، مشدداً على أن الثورة أنقذت سوريا من الضياع لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة.

كما أشار إلى أن سوريا “عادت إلى أهلها بعد أن سُرقت”، معتبراً أن المرحلة المقبلة تتطلب عملاً مكثفاً لاستعادة الاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس أكثر صلابة.

في خطابه، أكد الشرع أن احتكار الدولة للسلاح ليس مجرد خيار، بل ضرورة لضمان الأمن والاستقرار، محذراً من أي محاولات للعبث بوحدة البلاد تحت أي ذريعة.

كما تحدث عن ضرورة بناء سوريا على أساس القانون واحترام السلم الأهلي، داعياً جميع السوريين إلى التكاتف لمواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار من الداخل أو الخارج.

وأشار إلى وجود جهات، لم يسمّها، تسعى لتقويض منجزات الثورة وتحاول إفشال مسار إعادة الإعمار وبناء الدولة، مؤكداً أن هذه المحاولات لن تنجح طالما بقي السوريون موحدين خلف دولتهم.

وفي السياق، ركز وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي ألقى كلمة في الجلسة نفسها، على الإنجازات الدبلوماسية التي حققتها سوريا في الأشهر الأخيرة، حيث أشار إلى أن السياسة السورية نجحت في تعليق بعض العقوبات المفروضة على البلاد وتخفيف آثار العقوبات الأخرى.

واعتبر أن النهج السياسي الجديد لسوريا يقوم على التوازن بين الثوابت الوطنية والانفتاح على الأطراف الإقليمية والدولية التي تحترم سيادة البلاد.

كما شدد على أن دمشق لن تقبل أي مساس بسيادتها أو هويتها الوطنية، وستواصل العمل وفق رؤية مستقلة بعيداً عن أي ضغوط خارجية.

هذا وشهد المؤتمر مشاركة نحو 600 شخصية سورية من مختلف الأطياف، حيث يناقش المجتمعون أسس المرحلة الانتقالية وسط تسريبات تتحدث عن توجه لصياغة إعلان دستوري مؤقت ينظم العملية السياسية خلال الفترة القادمة.

كما تتناول النقاشات ملفات متعددة، أبرزها العدالة الانتقالية والبناء الدستوري والإصلاح السياسي والاقتصادي، إضافة إلى مستقبل المجتمع المدني في سوريا.

وتشير المسودة الأولية لمخرجات المؤتمر إلى نية المشاركين تضمين مواد دستورية جديدة تضمن عدم تكرار الانتهاكات التي شهدتها البلاد، مع التأكيد على ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية لضمان المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

على الرغم من أن النظام يسوّق المؤتمر كخطوة نحو مرحلة سياسية جديدة، فإن العديد من المعارضين يشككون في جدواه، معتبرين أنه لا يقدم أي ضمانات حقيقية لتحقيق تغيير جذري في بنية الحكم.

ويرى هؤلاء أن استمرار القبضة الأمنية وغياب التمثيل الحقيقي لمختلف القوى السياسية الفاعلة يجعل من الصعب التعويل على نتائج المؤتمر لإحداث تحول حقيقي في المشهد السوري.

كما يلفتون إلى أن العديد من المشاركين هم شخصيات محسوبة على السلطة، ما يثير تساؤلات حول مدى جدية المؤتمر في تحقيق إصلاحات حقيقية تتماشى مع تطلعات الشارع السوري.

ومن المتوقع أن تختتم جلسات المؤتمر بإصدار بيان ختامي يتضمن توصيات تُرفع إلى رئاسة الجمهورية، على أن يتم لاحقاً تحديد آليات تنفيذ هذه التوصيات على أرض الواقع.

ومع ذلك، تبقى الشكوك قائمة حول مدى التزام النظام بتنفيذ هذه المخرجات، خاصة في ظل غياب آليات رقابة مستقلة تضمن تطبيقها بشكل فعلي. وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والتحديات الأمنية، فإن نجاح المؤتمر في تحقيق اختراق حقيقي يظل مرهوناً بمدى استعداد السلطة لتقديم تنازلات فعلية تضمن مشاركة أوسع لمختلف مكونات المجتمع السوري في صياغة مستقبل البلاد.

اترك تعليقا