قرار شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين يثير جدلاً حول دوافعه وأبعاده

في خطوةٍ وصفتها الأوساط النقابية والثقافية بأنها تعكس وعياً متقدّماً بضرورة مراجعة المواقف والسلوكيات التي تتنافى مع رسائل المرحلة الجديدة في سوريا، أصدرت نقابة الفنانين السوريين قراراً يقضي بشطب قيد الممثلة سلاف فواخرجي من سجلاتها، وذلك استناداً إلى ما اعتبرته خروجاً عن أهداف النقابة وتنكّراً لآلام الشعب السوري، عبر مواقف تُنكر بشكل غير مسؤول الجرائم التي ارتكبها النظام البائد في حق السوريين.

القرار، الذي نال تغطية واسعة في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي، لم يكن مجرّد إجراء إداري روتيني، بل عكس وفق المراقبين، توجّهاً واضحاً نحو إعادة الاعتبار لدور النقابات في تعزيز القيم الوطنية وترسيخ ثقافة المساءلة، بعيداً عن منطق التبرير أو التجاهل، خاصة في ما يتعلّق بحقوق الضحايا وواجبات الانتماء إلى نقابة فنية تعكس هموم الشعب وآلامه.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطّلعة أن القرار يستند إلى مبدأ أساسي في النظام الداخلي للنقابة، يقوم على ضرورة التزام الفنانين بالمواقف التي تعبّر عن ضمير المجتمع، مشددةً على أن حرية التعبير لا يمكن أن تتحوّل إلى غطاءٍ لإنكار حقائق واضحة وثابتة أو التقليل من معاناة السوريين الذين اكتووا بنار الاستبداد سنوات طويلة.

ويُعد هذا القرار مؤشراً على نضوج المؤسسة النقابية وتحرّرها من الخطابات الرمادية، خاصة أن سلاف فواخرجي كانت لفترة طويلة محسوبة على خطاب النظام السابق، ولم تُبدِ أي موقف مراجعة أو اعتذار عمّا صدر عنها في أوقات حسّاسة كان فيها آلاف السوريين يُعتقلون ويُقتلون ويُهجّرون.

ويرى متابعون أن ما جرى يعكس تطوراً ملموساً في آلية التعاطي مع المسؤوليات العامة للفنانين، ويؤسس لمرحلة جديدة تضع القيم الوطنية والإنسانية فوق أي حسابات شخصية أو اصطفافات قديمة. كما أن القرار لا يأتي من باب الإقصاء، بل من باب ترسيخ الثقة بالمرحلة القادمة التي تتطلب مصالحة مع الشعب، لا تجاهلاً لمعاناته.

وقد شدد مسؤولون في النقابة على أن هذا القرار ليس موجهاً ضد حرية التعبير، بل هو تعبير عن احترام دور الفن في صناعة الوعي، وعدم السماح بتحويل النقابات إلى منصات لتمرير مواقف تتعارض مع الحقيقة والعدالة. وأضافوا أن النقابة لا تزال، وستظل، منبراً حراً لجميع الفنانين الملتزمين بمسؤولياتهم المهنية والاجتماعية، لكنها في الوقت ذاته لن تتهاون مع من يسيئون لروح النقابة ومبادئها.

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تُصدر سلاف فواخرجي أي تعليق رسمي، في حين رحّب عدد من الفنانين بالقرار، واعتبروه خطوة في الاتجاه الصحيح، تعبّر عن استعادة النقابة لدورها كحاضنة حقيقية لقيم الفن النبيل، ولصوت الضحايا الذي لا ينبغي أن يُنسى أو يُستبدل بأي رواية لا تعبّر إلا عن مصالح ضيقة أو توجّهات مشبوهة، بينما استنكر البعض هذا القرار .

إن النقابات، في جميع أنحاء العالم، تُبنى لحماية مصالح أعضائها عندما يكون هؤلاء الأعضاء جزءاً من نسيج وطني موحّد ومتناغم مع تطلعات شعبه. أما حين يتحوّل الانتماء النقابي إلى مظلة تُشرعن التنكّر للواقع أو التغاضي عن الجراح، فإن المراجعة تصبح واجبة، ويصبح الإصلاح ضرورة لا خياراً.

اترك تعليقا