
ترامب يفي بوعده: رفع العقوبات الأمريكية عن الحكومة السورية وقطاعات النفط والمصارف
- ودق - Wadaq
- مايو 24, 2025
- اقتصاد
- 0 Comments
محمد السلوم | باحث اقتصادي
في خطوة وُصفت بالمفصلية، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية إصدار الترخيص العام رقم 25، الذي يسمح بتخفيف واسع النطاق للعقوبات المفروضة على سوريا، بما يشمل الحكومة السورية بشخص رئيسها الجديد أحمد الشرع، ومجموعة كبيرة من المؤسسات الاقتصادية والمالية، وعلى رأسها المصرف المركزي وشركات النفط والمصارف الحكومية. القرار الذي يأتي بعد تصريح واضح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من العاصمة السعودية الرياض، أكد التزام إدارته بوعدها السابق بإعادة النظر في نظام العقوبات، وإعطاء القيادة السورية الجديدة فرصة للنجاح والنهوض بالبلاد.
القرار الأميركي الجديد يسمح صراحة بإجراء معاملات كانت محظورة منذ أكثر من عقد، أبرزها التعامل مع الحكومة السورية والمؤسسات التابعة لها، سواء في القطاع العام أو المختلط، وهو ما يمثل تحوّلاً جذرياً في السياسة الاقتصادية الأميركية تجاه دمشق. من بين الجهات المشمولة بالترخيص العام: المصرف المركزي السوري، البنك التجاري السوري، المصرف الصناعي، شركة المحروقات السورية، وزارة السياحة، الخطوط الجوية السورية، شركة بانياس لتكرير النفط، الشركة العامة للنفط، إضافة إلى أفراد كانوا خاضعين للحظر مثل وزير الداخلية أنس خطاب وأسماء أخرى.
اللافت أن هذا التغيير لا يقتصر على مجرد التراخيص، بل يؤسس لمرحلة جديدة يمكن من خلالها استعادة العلاقات المالية الخارجية لسوريا، مع احتمال إعادة فتح قنوات التحويل البنكي الدولية وشبكة سويفت، التي تعتبر العصب الرئيس للعمليات المصرفية العابرة للحدود. كما أن رفع القيود عن القطاع النفطي يعني عملياً إمكانية التعاقد مع شركات دولية لإعادة تشغيل الآبار والمنشآت، وبدء تصدير النفط أو بيعه بشروط ميسّرة عبر شركات وسيطة، وهو ما يعيد أحد أهم مصادر الدخل للدولة السورية إلى واجهة المشهد.
الأوساط الاقتصادية السورية تلقّت القرار بحذر وتفاؤل مشوب بالتساؤلات حول مدى واقعيته وفعاليته على الأرض. فبينما أشار الخبراء إلى أن القرار لا يرفع جميع العقوبات بشكل نهائي – خصوصاً تلك المرتبطة بالتعامل مع كيانات تابعة لدول كإيران وروسيا وكوريا الشمالية – إلا أن استثناء هذا العدد الكبير من المؤسسات يفسح المجال أمام الشركات الخاصة والمصارف الإقليمية لإعادة فتح ملفات التعاون مع دمشق، وربما إعادة إطلاق مشاريع كانت معلقة بسبب القيود القانونية الأميركية.
أما سياسيًا، فإن الخطوة تنسجم مع سلسلة من التحركات الدولية الأخيرة التي تشير إلى بدء مراجعة جماعية لسياسات العزل والعقوبات ضد سوريا، حيث سبقت بريطانيا هذا القرار بإلغاء أجزاء من العقوبات على شركات وشخصيات سورية، تبعها الاتحاد الأوروبي بمراجعة شاملة لقوائم الحظر، وبدأ الحديث فعليًا في الأوساط الأوروبية عن إعادة سوريا إلى الحاضنة الاقتصادية الإقليمية. ويُنتظر أن تكون قمة بروكسل المقبلة محطة حاسمة في هذا الاتجاه، خصوصًا مع ازدياد الضغوط لتبني سياسة “الانخراط المشروط” بدل العزل الكامل.
في المحصلة، فإن وفاء ترامب بوعده تجاه الملف السوري يُعد من أبرز تحركات السياسة الخارجية لإدارته في الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة دعم واضحة للقيادة السياسية الجديدة في دمشق، التي تمثل بحسب التصريحات الأميركية “فرصة لتحقيق الاستقرار والانفتاح على المجتمع الدولي”. وإذا ما ترافقت هذه الخطوة مع إصلاحات اقتصادية حقيقية داخل البلاد، واستثمار مدروس للعوائد المتوقعة، فإن سوريا قد تكون على أعتاب استعادة تدريجية لدورها الإقليمي كدولة مستقرة ومنتجة ومتصلة بالعالم.