خط عدي يعود إلى الواجهة: كيف تحوّل خط أنابيب بناه عدي صدام حسين إلى شريان نفطي لشمال شرق سوريا؟
ودق – دمشق
تشهد منطقة شمال شرق سوريا تحوّلًا لافتًا في خريطة تجارة النفط، بعد ارتفاع صادراتها إلى إقليم كردستان العراق من نحو 5–7 آلاف برميل يوميًا في أغسطس إلى ما يقارب 20 ألف برميل يوميًا بحلول نوفمبر، وفق ما أورده تقرير نشره موقع The National Context. هذا الارتفاع لم يكن نتيجة توسّع في الإنتاج، بل جاء كردّ مباشر على قرار دمشق وقف شراء النفط من الإدارة الذاتية، وهو قرار أعاد رسم مسارات التجارة النفطية في المنطقة، وأعاد إلى الواجهة خط أنابيب قديم بُني سرًا قبل أكثر من ثلاثة عقود.
دمشق توقف الشراء… والسعودية تدخل على خط الأزمة
بحسب التقرير، أوقفت الحكومة السورية شراء النفط من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في نوفمبر، بعد حصولها على نفط مجاني من السعودية. ويشير التقرير إلى أن النظام استخدم وقف الشراء كـ أداة ضغط سياسية لدفع قسد نحو الاندماج في الجيش السوري، مستغلًا اعتماد الإدارة الذاتية على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
وجاء في التقرير:
“أوقفت دمشق المشتريات بعد حصولها على نفط مجاني من السعودية، واستخدمت هذه الخطوة كوسيلة ضغط لدفع قوات سوريا الديمقراطية نحو الاندماج في الجيش السوري.”
مساران رئيسيان لتصدير النفط: الصهاريج وخط عدي
يشير التقرير إلى أن النفط المستخرج من حقول دير الزور والحسكة ورميلان يُنقل عبر مسارين أساسيين:
1- صهاريج فيشخابور–الوليد
وهو المسار التقليدي الذي يربط مناطق الإدارة الذاتية بإقليم كردستان.
2-خط الأنابيب القصير “خط عدي”
⦁ يمتد من رميلان إلى قرية محمودية داخل أراضي الإقليم.
⦁ بُني عام 1991 بأمر من عدي صدام حسين للتحايل على العقوبات الدولية.
⦁ ما يزال مستخدمًا حتى اليوم رغم عدم رسميته.
وجاء في التقرير:
“خط أنابيب بناه عدي صدام حسين عام 1991 للتحايل على العقوبات يُستخدم اليوم لنقل النفط من شمال شرق سوريا إلى إقليم كردستان.”
هذا الخط، الذي كان جزءًا من شبكة تهريب سرية في التسعينيات، أصبح اليوم أحد أهم منافذ تصدير النفط السوري.
إلى أين يذهب النفط؟
وفق التقرير، يتم بيع معظم النفط الذي يصل إلى الإقليم إلى مصفاة لاناز قرب أربيل، وهي منشأة تابعة لرجال أعمال من عائلة بارزاني. أما الباقي فيُباع في أسواق أربيل ودهوك.
وفي الجانب العراقي، تتولى Ster Group — المملوكة لمسرور بارزاني — إدارة تدفق النفط في محمودية قبل نقله إلى المصفاة.
تأثيرات اقتصادية مباشرة على الإدارة الذاتية
تعتمد الإدارة الذاتية على النفط لتأمين 75٪ من إيراداتها، ما جعل وقف دمشق للمشتريات يشكل ضغطًا اقتصاديًا كبيرًا. لكن ارتفاع الصادرات إلى الإقليم عوّض جزءًا من الخسائر، خصوصًا أن النفط يباع بسعر يقارب 30 دولارًا للبرميل — وهو السعر نفسه الذي كان النظام يدفعه.
هذا التحوّل يعني أن الجهة المستفيدة من النفط تغيّرت:
⦁ سابقًا: النظام السوري.
⦁ الآن: الإدارة الذاتية وشبكات اقتصادية داخل إقليم كردستان.
ما الذي يكشفه هذا التحوّل؟
-1 النظام كان يشتري كميات أكبر من المعلن
ارتفاع الصادرات إلى 20 ألف برميل يوميًا بعد وقف الشراء يشير إلى أن النظام كان يستورد أكثر بكثير من الأرقام الرسمية.
-2 الإقليم أصبح لاعبًا اقتصاديًا رئيسيًا في نفط سوريا
من خلال المصفاة وشركات النقل، باتت أربيل جزءًا أساسيًا من معادلة النفط السورية.
-3النفط يعيد رسم العلاقات السياسية
⦁ دمشق تستخدمه للضغط على قسد.
⦁ قسد تستخدمه لتعزيز استقلاليتها المالية.
⦁ الإقليم يستفيد منه اقتصاديًا.
⦁ السعودية تدخل على الخط عبر دعم النظام بالنفط.
خلاصة: خط عدي… من أداة تهريب إلى رافعة اقتصادية
بعد أكثر من 30 عامًا على بنائه، يعود “خط عدي” إلى لعب دور محوري في تجارة النفط السورية، لكن هذه المرة ليس لخدمة بغداد، بل لدعم اقتصاد شمال شرق سوريا. التقرير يكشف عن تحوّل اقتصادي–سياسي عميق يعيد تشكيل علاقات القوى بين دمشق، قسد، وإقليم كردستان، في وقت تتداخل فيه المصالح الإقليمية — من السعودية إلى العراق — في ملف النفط السوري.
المصدر:
اعتمد هذا التقرير على معلومات منشورة في موقع The National Context، في تقرير بعنوان: “A Pipeline Uday Hussein Built to Evade Sanctions Now Bankrolls Syria’s Kurds” The National Context
