فرص الشباب لبدء مشاريع صغيرة في سوريا: خطوات النجاح ومصادر التمويل الدولية

خاص ودق – الباحث الاقتصادي، محمد السلوم

نافذة جديدة تُفتح رغم كل العتمة:

في الوقت الذي يعاني فيه الآلاف من الشباب والشابات في سوريا من البطالة وضيق الحال وانسداد الأفق، بدأت مؤشرات جديدة تلوح في الأفق تحمل معها الأمل والإمكانات. نعم، هناك فرصة. هناك باب بدأ يُفتح من جديد، مع عودة بعض المنظمات الدولية للعمل في الداخل السوري، وعلى رأسها منظمة ميرسي كور Mercy Corps، التي بدأت تفعّل برامج لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالشراكة مع جهات حكومية كوزارة الاقتصاد، بهدف دعم التنمية المحلية وخلق فرص عمل حقيقية ومستدامة.

إذا كنت من أولئك الذين فقدوا وظائفهم، أو لم تتح لهم فرصة العمل أصلاً، فإن هذه المقالة كُتبت لك خصيصاً. هي ليست مجرد كلمات، بل خارطة طريق أولية تستطيع من خلالها أن تحوّل فكرتك البسيطة إلى مشروع حيّ يدرّ دخلاً ويحجز لك مكاناً في سوق العمل الجديد.

المشاريع الصغيرة هي محرّك التنمية في سوريا الجديدة:

في سياق التعافي الاقتصادي، تُعدّ المشاريع الصغيرة والمتوسطة أداة أساسية لإعادة بناء المجتمعات المحلية. فهي الأقل كلفة، والأسرع في خلق الوظائف، والأكثر مرونة في مواجهة التحديات. من خلال مشروع صغير، تستطيع أن تعيل أسرتك، وتقدم خدمة يحتاجها الناس، وتُشارك في دورة الإنتاج لا الاستهلاك فقط. فكر بالأثر الذي يمكن أن يحدثه مشروع زراعي صغير، أو ورشة صيانة محلية، أو معمل غذائي منزلي. إنها بذور اقتصادية صغيرة، لكنها تحمل في طياتها تغيّراً كبيراً.

 خطوات تأسيس مشروعك الريادي بنجاح:

لكي تنجح، لا تحتاج إلى رأس مال كبير، بل إلى فكرة تحلّ مشكلة. ابدأ بالسؤال: ما الحاجة التي يعاني منها الناس حولي؟ ثم فكّر بحل إبداعي لها.

1- استعن بمستشار أو خبير – شخص يفهم السوق ويوجهك.

2 -عيّن محاسب موثوق – حتى لو براتب جزئي، ليضمن لك التوازن المالي.

3- لا تتجاهل الاستشارة القانونية – لتؤسس مشروعك بشكل نظامي وشفاف.

4-خطّط للمستقبل – 3 سنوات على الأقل، وضع خطة بديلة تحسّباً لأي طارئ.

5- احرص على اختيار فريق متكامل – النجاح ليس مجهود فردي فقط.

الريادة تبدأ من العقل، لكنها لا تنجح إلا بالعمل المتواصل والتخطيط الذكي.

 التحديات موجودة… لكنها ليست عائقاً:

صحيح أن تأسيس مشروع في بيئة غير مستقرة ليس سهلاً، لكن كل تجربة عظيمة وُلِدت من رحم الظروف الصعبة. التحديات مثل نقص التمويل أو ضعف الخبرة أو القوانين المعقّدة ليست نهاية الطريق. يمكن تجاوزها بالتدرّج، بالتعلّم، وبطلب الدعم من أصحاب الخبرة.

والأهم: لا تنتظر الظروف المثالية. لن تأتي. اصنع ظروفك أنت.

المنظمات الدولية… شريكك الجديد:

تشير اللقاءات الأخيرة بين وزارة الاقتصاد ومنظمة ميرسي كور إلى توجّه فعلي لتقديم دعم مالي وفني للشباب الراغبين في إنشاء مشاريع صغيرة. هذا الدعم لا يشمل فقط المنح أو القروض، بل يمتد إلى برامج تدريب وتأهيل، واحتضان المشاريع الناشئة، وربطها بشبكات السوق المحلي والدولي.

بعض هذه البرامج تركز على الريف والمناطق الهشّة اقتصاديًا، ما يعني أن الفرصة قد تكون أقرب مما تتخيل.

 تذكّر هذه التوصيات الذهبية:

ادّخر قبل أن تبدأ، وقلّل نفقاتك عند الإطلاق.

كن صبوراً، فبناء مشروع مستدام يحتاج وقتاً وجهداً.

تعلّم، اقرأ، اسأل، وابقَ على تماس مع قصص النجاح.

لا تهاب الفشل، فغالبًا ما يكون هو الخطوة الأولى للنجاح.

البداية الجديدة لا تحتاج إلى معجزة… فقط إلى قرار:

إلى من فقد عمله ذات صباح، أو عاد إلى بيته بلا أمل، أو سُرّح من وظيفته بلا إنذار… اعلم أن هذا لا يعني النهاية. بل قد يكون بداية جديدة، شرط أن تؤمن بنفسك وتبادر. العالم يتغيّر، وسوريا الجديدة ستُبنى بسواعدكم، أنتم الشباب.

لا تنتظر الفرصة… اصنعها. ولا تسأل: من سيساعدني؟ بل اسأل: ما الذي أستطيع فعله اليوم لأبدأ مشروعي الصغير؟ فالذين تغيّر مصيرهم… لم يكونوا يملكون أكثر منك. فقط امتلكوا الإرادة.

اترك تعليقا