تدمر بعد العودة: مدينة تعاني العطش والبُعد عن الحياة

تدمر – البادية السورية
بعد سنوات من الغياب والدمار، عاد بعض سكان مدينة تدمر إلى منازلهم، حاملين الأمل بإحياء مدينتهم التي لطالما شكّلت رمزًا للحضارة والتاريخ. لكن ما وجدوه كان بعيدًا عن الأحلام التي رافقت عودتهم؛ فالمدينة التي قاومت الغزاة على مرّ العصور، تكاد اليوم تنهار تحت وطأة الإهمال، خصوصًا في قطاع المياه، أحد أهم مقومات البقاء.
مياه غير صالحة للحياة
رغم عودة الأهالي، لا تزال تدمر تفتقر لأبسط مقومات العيش، وعلى رأسها المياه الصالحة للشرب. فالشبكات القديمة التي لم تُصنّف منذ سنوات، تعاني من صدأ شديد وتسرّب دائم، ما يجعل المياه التي تصل إلى البيوت غير صالحة للاستهلاك البشري. ومع غياب أي صيانة جدية للبنية التحتية، تحوّلت المياه إلى سلعة يومية يُضطر السكان لشرائها من الصهاريج، ما يثقل كاهل الأسر التي تعاني أصلًا من وضع اقتصادي متردٍ.
الزراعة تختنق رغم وجود الماء
لا تنتهي الأزمة عند احتياجات الشرب، بل تمتد إلى الأراضي الزراعية التي لطالما أحاطت بتدمر، حيث تنتشر البساتين وآبار المياه. لكن هذه الآبار بقيت عاجزة عن خدمة الأرض والناس، بسبب غياب محولات الكهرباء وغطاسات الضخ. فحتى مع وجود الماء في باطن الأرض، يبقى الوصول إليه معلقًا على توفر معدات بسيطة، لا تملكها الأغلبية الساحقة من المزارعين.
من مدينة التاريخ إلى مدينة المنسيين
تمرّ تدمر اليوم بمرحلة انتقالية حرجة. فعلى الرغم من خروج قوات نظام الأسد من المدينة، لم تحظَ حتى الآن بأي خطة جدية لإعادة الإعمار أو ترميم البنى التحتية الأساسية. ويشعر السكان أن معركتهم الجديدة أصعب من تلك التي سبقتها: إنها معركة ضد الإهمال، والغياب التام للمؤسسات، وضعف الاستجابة من الجهات المحلية والدولية.
دعوة للتحرك
تدمر لا تحتاج للشفقة، بل تحتاج إلى تحرك فعلي يعيد لها الحياة. المطلوب اليوم:
•تدخل عاجل من المنظمات الإنسانية لتأمين مياه صالحة للشرب.
•دعم المشاريع الزراعية الصغيرة عبر تجهيز الآبار بالمضخات والمولدات.
•إطلاق خطة لإعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي في المدينة.
فمن غير المقبول أن تبقى مدينة عريقة مثل تدمر، كانت يومًا مركزًا حضاريًا للعالم القديم، حبيسة العطش والخراب في القرن الحادي والعشرين

اترك تعليقا