
زيارة مرتقبة للرئيس أحمد الشرع إلى أنقرة: ملفات أمنية وعسكرية تعيد تشكيل خارطة التنسيق السوري التركي
- ودق - Wadaq
- أبريل 9, 2025
- سياسة
- 0 Comments
أنقرة – ودق سورية
يتوجه رئيس الجمهورية العربية السورية، أحمد الشرع، خلال اليومين القادمين إلى العاصمة التركية أنقرة، في زيارة رسمية هي الثانية من نوعها منذ توليه المنصب، وسط ترقب إقليمي واسع لما قد تحمله هذه الزيارة من مؤشرات على تحولات عميقة في العلاقات بين البلدين.
وتأتي هذه الزيارة في توقيت بالغ الحساسية، حيث تتقاطع فيها ملفات الأمن والحدود والنفوذ السياسي، مع تغيرات ميدانية متسارعة في الشمال السوري. ويرى مراقبون أن اللقاء المرتقب بين الشرع والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يحمل أبعادًا استراتيجية قد تعيد صياغة طبيعة العلاقة بين دمشق وأنقرة بعد سنوات من التوتر.
أجندة ثقيلة: الأمن والعسكر في صدارة المباحثات
وبحسب مصادر مطّلعة تحدثت لـ “ودق سورية”، فإن جدول الأعمال المتوقع يشمل ملفات ذات طابع أمني وعسكري في المقام الأول، وفي مقدمتها التنسيق الحدودي، ومكافحة الجماعات المتطرفة، وتوسيع نطاق التعاون الاستخباراتي بين الطرفين بما يضمن أمن واستقرار المناطق المتاخمة للحدود السورية التركية.
كما ستتناول المباحثات تطوير آليات العمل المشترك في مناطق التماس، ومراجعة اتفاقات التنسيق السابقة، خصوصًا في ظل ما وصفته بعض الأوساط التركية بـ”تبدل الأولويات الأمنية” لدى أنقرة، بعد أن بدأت ترى في الحوار مع دمشق فرصة استراتيجية لضمان مصالحها طويلة الأمد.
قسد.. عقدة الحوار ومستقبل الترتيبات في الشمال الشرقي
إلى جانب الملفات الأمنية، يُنتظر أن يحتل ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حيزًا واسعًا في المحادثات. فكل من دمشق وأنقرة يعتبران هذا الكيان تهديدًا لوحدة الأراضي السورية، وإن اختلفت الدوافع بين الجانبين. وتشير التسريبات إلى وجود مقترحات جديدة قيد الدراسة، تتعلق بتفكيك البنية العسكرية لقسد تدريجيًا، مقابل توفير ضمانات سياسية وأمنية للمكونات المحلية في تلك المناطق.
وبينما ترفض القيادة السورية أي صيغ حكم ذاتي خارج إطار الدولة، تتجه أنقرة لدعم خطوات تؤدي إلى تفكيك ما تصفه بـ”الكيان الانفصالي” شمال شرق سوريا، بالتنسيق مع الدولة السورية بشكل مباشر.
القواعد التركية في سوريا: ترتيبات جديدة للوجود العسكري
يشكّل ملف القواعد العسكرية التركية داخل الأراضي السورية أحد المحاور الأساسية في المباحثات المرتقبة، حيث لا تطالب دمشق بانسحاب تركي شامل في المرحلة الحالية، نظرًا لما تمثّله أنقرة من شريك أمني إقليمي في عدد من الملفات الحساسة. وتركّز النقاشات المرتقبة على إعادة تنظيم الوجود التركي داخل سوريا من حيث عدد القواعد، أماكن تمركزها، نوع القوات المنتشرة، والمهام الموكلة إليها، بما يضمن الحفاظ على التنسيق الأمني وتجنب أي احتكاك ميداني مستقبلي.
ويُنظر إلى هذا الملف كخطوة نحو تثبيت تفاهمات بعيدة المدى بين الطرفين، تسمح بمراقبة مشتركة للمناطق الحدودية، وتحدّ من نشاط الجماعات المسلحة غير المنضبطة، وتفتح الباب أمام تفاهمات أوسع على مستوى ترتيبات ما بعد الصراع في الشمال السوري.
زيارة ترسم ملامح مرحلة جديدة
وتأتي هذه الزيارة امتدادًا للقاء الأول الذي جرى في فبراير الماضي، والذي وصفته مصادر دبلوماسية بأنه كان “هادئًا لكن عميقًا”، حيث تم خلاله الاتفاق على إنشاء لجنة مشتركة للتنسيق الأمني ومتابعة الملفات الحدودية.
ورغم أن الجهة الداعية لهذه الزيارة لم تُعلن رسميًا، إلا أن المصادر ترجّح أنها تأتي ضمن سلسلة مشاورات مستمرة بين الطرفين، بدأت قبل أشهر بعيدًا عن الأضواء، وتهدف إلى إيجاد صيغة مشتركة تُنهي مرحلة التصعيد، وتفتح الباب أمام إعادة هيكلة العلاقات السياسية والأمنية في المنطقة.
ختامًا، تُعد هذه الزيارة اختبارًا حقيقيًا لجدية الأطراف في إعادة ضبط بوصلة العلاقة السورية التركية على أسس جديدة، قائمة على المصالح المشتركة، واحترام السيادة، والتوافق الإقليمي.