
غزة في قفص العالم: حين يتحوّل الحصار إلى جريمة يعرضها التاريخ أمام العدالة
- ودق - Wadaq
- أبريل 29, 2025
- عربي
- 0 Comments
الإنسانية في تاريخ العصر الحديث: تجويع مليوني إنسان خلف الأسلاك الشائكة في قطاع غزة، بحرمانهم من الغذاء والدواء، ومنع شريان الحياة عنهم في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية. جلسة تاريخية انطلقت للنظر في شرعية الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، وهو حصار لم يعد مجرد ورقة ضغط سياسية، بل تحوّل إلى أداة إبادة جماعية عبر التجويع المنظم.
مرافعة ممثلة الأمم المتحدة أمام المحكمة كانت واضحة وجريئة: إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تتحمّل مسؤولية قانونية كاملة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين. وبأن منع الغذاء والدواء عن المدنيين يُشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان وفق ميثاق جنيف الرابع. أما السفير الفلسطيني عمّار حجازي، فقد تحدث باسم ملايين الأرواح المحاصرة، مؤكداً أن الحصار ليس مجرد خطأ إداري أو قرار عسكري عارض، بل سياسة مقصودة، تهدف إلى تحطيم إرادة الناس وإخضاعهم عبر التجويع الجماعي.
في المقابل، اكتفت إسرائيل بتقديم دفوع مكتوبة وامتنعت عن إرسال ممثل شفوي للدفاع عن موقفها. وصف وزير خارجيتها الإجراءات بأنها “سيرك سياسي”، محاولاً تبرير الحصار بادعاءات غير مثبتة بشأن دعم موظفين أمميين لفصائل المقاومة في غزة. لكن المشهد الحقيقي كان مختلفاً تماماً: شاشات عرضت صور الأطفال الجياع، المرضى المحتضرين في مشافي بلا أدوية، العائلات التي تمضي أيامها كاملة دون لقمة تسد بها رمق أطفالها.
الواقع يقول إن سكان غزة الذين يبلغ عددهم اليوم أكثر من 2.3 مليون إنسان، يعيشون في مجاعة صريحة بحسب تقارير موثوقة من وكالات الأمم المتحدة، بعدما قطعت إسرائيل كافة خطوط الإمداد منذ مطلع مارس. أكثر من 90% من العائلات في غزة تأكل وجبة واحدة كل يومين، وفق أرقام المنظمات الإنسانية.
والمشهد المأساوي يزداد قتامة مع تحذيرات من مجاعات وأوبئة جماعية قد تفني جيلاً كاملاً من الأطفال والشباب الفلسطينيين إذا لم يتم إنهاء الحصار فوراً.
رأي محكمة العدل الدولية لن يكون ملزماً قانونياً، لكنه سيحمل وزناً أخلاقياً وسياسياً هائلاً. فهو ليس فقط حكماً على إسرائيل، بل حكماً على صمت المجتمع الدولي بأسره. فإن كانت هذه المحكمة اليوم غير قادرة على وقف الحصار، فإن العالم سيُسجَّل عليه عاراً تاريخياً، حين يقف متفرجاً على موت شعب بأكمله تحت سمعه وبصره.
ما يجري في لاهاي ليس مجرد جدل قانوني بارد، بل هو اختبار ضمير للعالم الحر: هل سيواصل حماية القتلة لأنهم أقوياء، أم سينحاز أخيراً إلى الحقيقة، إلى الدم الفلسطيني الذي سال على مرأى ومسمع الإنسانية كلها؟