3 أيار حكاية صمود: كيف تنبثق حرية الصحافة في سوريا ما بعد النظام

دمشق – 3 أيار 2025

يحتفي العالم اليوم باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، استجابةً لتوصية اليونسكو. ويأتي هذا الاحتفال هذا العام في سوريا بينما ترسم البلاد سيناريوهات ما بعد سقوط النظام، فتحمل ذكرى هذا اليوم أبعادًا استثنائية، تُعيد إلى الأذهان صمود الإعلام السوري في مواجهة القمع وتطلعاته لحريةٍ مستدامة.

صحافة القمع قبيل الانعتاق

منذ اندلاع الثورة في عام 2011، دفع الصحفي السوري ثمنًا باهظًا لنقل الحقيقة:

  • اعتقالات وتعذيب في سجون النظام عبر قرارات “مكافحة الإرهاب” وحماية الوحدة الوطنية.

  • خطف واغتيال على أيدي ميليشيات مسلحة، دون أي ضمانات قانونية لمحاسبة الجناة.

  • مصادرة معدات وإيجارات من الدوائر الأمنية في مناطق المعارضة والشمال الشرقي، ما أجبر كثيرين على الرقابة الذاتية أو التوقف عن العمل.

رغم هذا المناخ المظلم، نبتت مبادرات إعلامية مستقلة، من أبرزها “فرات بودكاست” و”سيريا ويب” و”الشرق السوري”، عملت كمنصات ضوءٍ في الظل، سطّرت تقارير استقصائية وحوارات ميدانية لم تغب عنها ملامح صمود الصحفي السوري.

اليوم العالمي: أكثر من مناسبة رمزية

يشدد ناشطون وإعلاميون سوريون على أن الاحتفاء بهذا اليوم يجب أن يتجاوز البيانات المُدانة، ويتحول إلى آليات عملية لحماية العاملين في الحقل الإعلامي:

  • مطالبة أممية: تنظيم حملات ضغط عبر الأمم المتحدة لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين، وضمان مساءلة النظام على جرائمه.

  • دعم فني ومالي: منح تدريبية وتخصيص منح من اليونسكو والاتحاد الأوروبي لتجديد مهارات التحقق الرقمي والبحث الاستقصائي.

  • منصات رقمية محمية: إنشاء بنى تحتية رقمية تُشفّر بيانات الاتصالات وتخصص خوادم مستقلة خارج رقابة أي “طرف”.

ما بعد النظام: خارطة طريق للإعلام الحر

تطمح كليات الإعلام والمراكز البحثية السورية إلى استثمار مرحلة الانتقال لإعادة بناء المشهد الإعلامي على أسس ديمقراطية:

  • إطار تشريعي عصري

    • إلغاء جميع القوانين التي استُخدمت لتكميم الأفواه.

    • سنّ قانون إعلام يكرّس حرمة المصادر ويجعل الرقابة المسبقة جريمة.

  • هيئات نقابية ومهنية

    • تأسيس نقابة صحفيين منتخبة، ولجان حماية تقدم الدعم القانوني والطبي الفوري لمن يتعرضون للتهديد.

  • تمويل واستقلالية

    • إنشاء “صندوق إعلامي سوري” عبر تبرعات المهجر ولجان المجتمع المدني، بعيدًا عن محاصصات الميليشيات والأحزاب.

  • تطوير القدرات والتكنولوجيا

    • شراكات مع جامعات دولية لتدريب الصحفيين على الصحافة الاستقصائية والتحقق من المصادر الرقمية.

    • اعتماد منصات إدارة المحتوى مفتوحة المصدر، واستثمار أدوات الذكاء الاصطناعي في فلترة التضليل.

  • تنوع وتمثيل

    • دعم مبادرات إعلامية في الأرياف ومناطق الأقليات.

    • برامج منح وتدريب تستهدف النساء والشباب الذين لم تُتح لهم فرص في المشهد التقليدي.

الصحفي السوري: مناعة لا تنكسر

يظل الصحفي السوري نموذجًا للصمود، حاملاً قلمه في خضم رصاص الميدان، موثّقًا الحقيقة رغم اعتقاله أو تهجيره. ومع انبلاج فجرٍ قد لا يلوح بعيدًا، يبقى دوره محوريًا في بناء دولة القانون والمؤسسات، وفي إخراج سوريا من عتمة الديماغوجيا إلى ضوء الشفافية والمساءلة.

في 3 أيار 2025، يصحو الإعلام السوري على صدى صرخته الشجاعة: حرية الكلمة أمل لا يموت، ومستقبل يعيد للصحافة قيمتها الحقيقية كشاهد حي على مسيرة أمةٍ لا تقبل سوى الحقيقة.

اترك تعليقا