معلمو الشمال السوري.. وقفات احتجاجية و تشكيل لجنة تمثيلية للمطالبة بالدمج و حق النقل و العودة
- ودق - Wadaq
- نوفمبر 9, 2025
- منوع
- 0 Comments
ريف حلب
تشهد مناطق الشمال السوري (المحرر سابقاً) و التي أصبحت تحت سيطرة الحكومة السورية الجديدة، تصعيداً ملحوظاً في الحراك الاحتجاجي من قبل المعلمين، الذين شكلوا لجنة تمثيلية للمطالبة بحقوقهم في الدمج مع وزارة التربية و التعليم، و تأمين آليات واضحة لعودتهم إلى محافظاتهم و مدنهم و قراهم التي تحررت.

لجنة تمثيلية ترفع سقف المطالب
بعد سلسلة من الاجتماعات المتتالية مع مدير التربية و مرور أشهر من الوعود المتكررة، أعلن المعلمون و المعلمات في الشمال السوري تشكيل لجنة ممثلة لهم، و أصدرت بياناً واضحاً جاء فيه: “إن صبرنا بدأ ينفد، و أن استمرار التسويف و المماطلة في إنجاز ملف الأرقام الذاتية والنقل الخارجي لم يعد مقبولاً بعد الآن”.
و أكد البيان أن “اللجنة حضرت أكثر من خمسة اجتماعات منذ المظاهرة السابقة أمام مديرية التربية في حلب، و في كل مرة تتكرر التصريحات ذاتها و الوعود نفسها”، مشيرة إلى أن المعلمين “لا يريدون بيانات جديدة و لا وعوداً مؤجلة، بل يطالبون بأفعال ملموسة وجدول زمني ملزم يضمن حقوق المعلمين كاملة دون أي تأخير”.
مطالب محددة و مواعيد نهائية
و حددت اللجنة الممثلة للمعلمين مطالبها في آخر بيان لها خمس نقاط أساسية:
إنهاء ملف الأرقام الذاتية بشكل كامل قبل تاريخ 15/11 دون أي تأجيل جديد.
البدء الفوري بالعمل على ملف النقل الخارجي وفق آلية شفافة و عادلة و صدور قرار النقل الخارجي قبل تاريخ 15/11.
تثبيت قيمة الرواتب بالدولار وتحسينها بما يتناسب مع الظروف المعيشية الصعبة.
صرف الرواتب في أول كل شهر دون تأخير.
ضمان شمول جميع المعلمين بأي منحة تصل، دون استثناء أو تمييز.
تحذير من تصعيد احتجاجي
وحذرت اللجنة في بيانها من أن “الخطوة القادمة يجب أن تكون تصعيداً حقيقياً عبر مظاهرات سلمية واسعة تشمل جميع مناطق الشمال السوري”، مؤكدة أنه “في حال عدم الإيفاء بالوعد و الانتهاء من النقل الخارجي و الأرقام الذاتية حتى تاريخ 15/11، فسيكون رد المعلمين واضحاً و قوياً عبر مظاهرات و وقفات و اعتصامات أمام مديرية التربية في حلب و إضرابات سلمية في جميع مناطق الشمال السوري”.
معاناة متعددة الأوجه
وتعكس هذه المطالب المعاناة الحقيقية التي يعيشها آلاف المعلمين الذين اضطروا للنزوح خلال السنوات الماضية. يقول المدرس عبد العزيز خراز (٣٢ عاماً) من مدينة حمص: “الكثير من القرى والبلدات قد تحررت، لكننا لا نجد آلية واضحة تضمن لنا حق النقل والعودة إلى بلداتنا الأصلية”.
ويشير إلى أن “هناك معلمين مضى عليهم سنوات في النزوح دون أن يحصلوا على حقوقهم كاملة”، مؤكداً “عدم وجود ضمانات للعودة الآمنة، و عدم وضوح آليات النقل، كلها عوامل تجعلنا في حيرة من أمرنا”.
فجوة بين الواقع و القرارات
و يرى مراقبون أن الفجوة بين القرارات الرسمية التي أصدرتها وزارة التربية على لسان وزيرها عبد الرحمن تركو بدمج المعليمين في الشمال و آليات التطبيق على الأرض، تمثل التحدي الأكبر الذي يواجه المعلمين. فبينما أعلنت وزارة التربية عن خطط للدمج وعودة المعلمين، لا تزال هناك غياب للآليات الواضحة التي تنظم هذه العملية.
من جهته، يقول موسى الأسعد (٤٩ عاماً)، معلم من مدينة تدمر: “لو أراد المعلم العودة إلى مدينته التي تحررت، قد تصل تكلفة نقل أسرته وأثاثه إلى مبالغ طائلة، دون أي تعويض أو دعم من الجهات المعنية”.
وقفات احتجاجية متتالية
شهدت الأشهر الأخيرة تنظيم عدة وقفات احتجاجية للمعلمين، كانت أبرزها الوقفة التي نظمها العشرات أمام مبنى وزارة التربية في حلب الأسبوع الماضي، حيث رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها “نريد حقوقنا كاملة”.
وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت تشير فيه تقديرات إلى أن نسبة المعلمين الذين ينتظرون الدمج والعودة إلى مناطقهم الأصلية تصل إلى نحو 65% من إجمالي المعلمين النازحين في الشمال السوري.
استجابة رسمية محدودة
من جهتها، قالت مصادر في وزارة التربية إن “هناك لجاناً لدراسة أوضاع المعلمين النازحين”، مؤكدة أن “الوزارة تعمل على معالجة الملف وفق الإمكانيات المتاحة”.
لكن المعلمين يرون أن “الاستجابة الرسمية لا تزال دون المطلوب”، كما يقول المعلم همام عثمان (45 عاماً)، الذي شارك في جميع الوقفات الاحتجاجية: “نحن ننتظر منذ أشهر و لم نحصل على أي حلول عملية”.
أزمة إنسانية و تعليمية
لا تقتصر هذه الأزمة على الجانب المادي فقط، بل تمتد إلى آثار نفسية واجتماعية كبيرة على المعلمين وأسرهم. فالكثيرون يعيشون في ظروف سكنية صعبة، ويعانون من انقطاع الرواتب بشكل منتظم.
و يحذر خبراء تربويون من استمرار هذه الأزمة، التي قد تؤثر سلباً على العملية التعليمية برمتها، خاصة مع تناقص أعداد المعلمين المؤهلين في الكثير من المناطق.
مستقبل مجهول
يبقى مستقبل آلاف المعلمين في الشمال السوري مجهولاً، بين معاناة يومية في مناطق النزوح، وآمال في العودة إلى الديار، وقرارات رسمية تنتظر التطبيق على أرض الواقع.
و يبدو أن الوقفات الاحتجاجية ستستمر، كما يؤكد المعلمون، “حتى تتحقق مطالبنا، ونعود إلى مدننا و مدارسنا و قرانا بكرامة وأمان”، في وقت ترفع فيه اللجنة الممثلة للمعلمين سقف مطالبها و تحدد مواعيد نهائية للاستجابة لها.
“بقلم: عدي الحاج حسين”

