مجزرة الحولة… حين ذُبحت الطفولة على يد النظام

انطفأت شمس يوم الجمعة، الخامس والعشرين من أيار عام 2012، وبدأ الليل يرخي ظلاله الثقيلة على بلدة الحولة في ريف حمص، حين اجتاحت قوات النظام السوري وميليشياته أحياء المدنيين الآمنين، حاملة معها رائحة الموت وصوت الرعب.

وارتفعت أصوات المدافع والدبابات تقصف البيوت بلا رحمة، بينما كانت العائلات تختبئ تحت الأنقاض، تهمس بالدعاء، وتحضن أبناءها، لا تدري من منهم سيبقى على قيد الحياة حتى الصباح.

واقتحم عناصر الشبيحة المنازل واحدة تلو الأخرى بعد القصف، يجرّون الأطفال من أحضان أمهاتهم، يطلقون الرصاص على الرؤوس، ويغرسون السكاكين في الأجساد، وكأنهم يقيمون طقوس إبادة جماعية لا تعرف للرحمة وجهاً.

وتناثرت جثث النساء والأطفال في أركان البيوت، بعضهم قُتل وهو نائم، وبعضهم وهو يحاول الفرار، وعلت صرخات الأمهات المذبوحات فوق الركام، في مشهد تجمدت فيه الكلمات وانهارت فيه كل معاني الإنسانية.

وتحوّلت ساحة البلدة إلى مقبرة جماعية، بعدما ضاقت القبور عن احتواء أكثر من مئة جثمان، بينها 49 طفلاً و32 امرأة، سُوّيت أجسادهم بالأرض وهم يرتدون ثياب النوم.

وساد الصمت في اليوم التالي، لا لأن المجزرة انتهت، بل لأن من بقي حياً لم يعد قادراً على الكلام، والأنين صار اللغة الوحيدة المتبقية في الحولة.

وقدمت لجنة تابعة للأمم المتحدة بعد المجزرة بأيام، لتوثيق ما جرى، فسجلت كل شيء، من آثار الرصاص إلى صرخات الشهود، وأكدت مسؤولية النظام وميليشياته عن الجريمة، في تقرير لم يُترجم لاحقاً إلى عدالة أو محاسبة.

وأصدر مجلس الأمن بياناً خجولاً، وعد فيه بالتحقيق، فانتظر أهل الحولة عدالة لم تصل، وتُركت دماء أطفالهم تجف في ساحات الصمت الدولي.

اليوم بعد ثلاثة عشر عاماً صرّح المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية:

أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص، وبعد مرور ثلاثة عشر عاماً على مجزرة الحولة التي ارتكبها نظام الأسد وميليشياته بحق المدنيين الأبرياء، عن إلقاء القبض على عدد من المتورطين في تلك الجريمة، ويأتي ذلك في إطار الجهود المستمرة لملاحقة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق أبناء شعبنا.

وقال الناشط أسامة عبد الهادي، أحد شهود المجزرة:
“جاءت اللجنة ووثقت ما جرى بشكل كامل، وعلى إثرها صدر بيان من مجلس الأمن الدولي، فظننا أن المجتمع الدولي سيحاسب النظام على جرائمه، ولكن للأسف ضاعت دماء الأطفال والنساء هدراً”.

وأضاف: “المقابر في المنطقة لم تتسع للجثامين، فاضطررنا إلى دفن القتلى في إحدى الساحات العامة في المنطقة.

كانت مشاهد قاسية وموجعة لا يمكن أن تُنسى”.

اترك تعليقا