
ما بعد خطاب أوجلان: هل بدأت المنطقة تحصد المكاسب الاقتصادية؟
- ودق - Wadaq
- مايو 12, 2025
- سياسة
- 0 Comments
محمد السلوم | خاص لـ شبكة ودق
في تطور لافت يعكس تحوّلًا جذريًا في مسار القضية الكردية، أعلن حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه رسميًا وإنهاء الكفاح المسلح، استجابةً لنداء زعيمه عبد الله أوجلان، الذي كان قد دعا في وقت سابق إلى إلقاء السلاح والانخراط في مسار السلام.
هذا الإعلان التاريخي، بعد عقود من الصراع المسلح، يفتح الباب أمام حقبة جديدة تتعدى أبعادها الأمنية والسياسية لتصل إلى الفرص الاقتصادية والتنموية التي طال انتظارها في المنطقة.
من المواجهة إلى التنمية
تعيش مناطق واسعة من شمال سوريا وشمال العراق وشرق تركيا حالة من الإنهاك الاقتصادي نتيجة الحروب والاضطرابات، ومع زوال أحد أبرز مسببات العنف، تلوح فرصة نادرة لبدء مرحلة جديدة تُبنى على الاستقرار وإعادة الإعمار.
في سوريا، قد يشكّل انتهاء النزاع مع الحزب نقطة انعطاف نحو تهدئة تُمهّد لتفاهمات سياسية، تسمح بتوجيه الإنفاق نحو مشاريع البنية التحتية، وتحفيز الإنتاج الزراعي والصناعي، خاصة في المناطق التي ظلت خارج اهتمام الدولة والقطاع الخاص لسنوات.
تعاون إقليمي أكثر واقعية
حل الحزب يضع تركيا والعراق وسوريا أمام مسؤولية جديدة: تغليب المصالح الاقتصادية المشتركة على الإرث الأمني السابق.
ففتح المعابر، وتنظيم التبادل التجاري، وتنسيق مشاريع الطاقة والنقل، كلها ملفات يمكن أن تستفيد من مناخ أكثر هدوءًا، وهو ما كان مستحيلًا في ظل استمرار التوترات العسكرية.
من اقتصاد الميليشيات إلى اقتصاد الفرص
الانتقال من حالة الحرب إلى السلم يحرر طاقات المجتمع، ويقلل الاعتماد على الإنفاق العسكري والميليشيوي، ويفتح المجال أمام فرص العمل في القطاعات المدنية، خاصة في مجالات الزراعة، البناء، التجارة، والخدمات، مما يساعد في خفض معدلات البطالة وخلق بيئة اقتصادية أكثر جاذبية.
نحو سياسات منفتحة: تحسين التعامل مع الشعب الكردي أساس الاستقرار
في موازاة التطور السياسي المتمثل بحل حزب العمال الكردستاني، تُطرح تساؤلات جوهرية حول مدى استعداد الحكومات المعنية، وخاصة في تركيا وسوريا، لتبنّي مقاربة جديدة وأكثر انفتاحًا في التعامل مع الشعب الكردي، بعد عقود من التهميش والصراع.
نجاح عملية السلام لا يتوقف عند نزع السلاح، بل يرتكز على إجراءات ملموسة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع الكردي.
يتضمن ذلك خطوات مثل:
إعادة دمج المقاتلين السابقين والمناطق المتضررة اقتصاديًا ضمن خطط التنمية.
تحسين مستوى الخدمات العامة (الصحة، التعليم، البنية التحتية) في المناطق ذات الغالبية الكردية.
توسيع مساحة الاعتراف الثقافي واللغوي، والسماح بتفعيل مؤسسات مدنية تعبّر عن الهوية الكردية ضمن إطار المواطنة.
ضمان حقوق متساوية في فرص العمل، والمشاركة السياسية، والاستثمار.
إن التعامل مع الشعب الكردي كشريك في بناء المستقبل، لا كمصدر خطر دائم، هو المدخل الأساسي لبيئة استثمارية مستقرة وجاذبة لرؤوس الأموال.
دعوة للمغتربين والمستثمرين: لا تفوتوا الفرصة
إن هذه اللحظة الاستثنائية لا يجب أن تمر مرور الكرام. إعلان حل حزب العمال الكردستاني يشكل فرصة نادرة لإعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والأرض، وبين رأس المال والاستقرار.
ندعو الحكومات الإقليمية إلى التقاط هذه الفرصة، والانخراط في مشاريع اقتصادية طويلة الأمد تعزز التنمية المستدامة وتفتح أفقًا جديدًا للتكامل الإقليمي.
كما نوجّه نداءً إلى المستثمرين المحليين والدوليين، لا سيما من أبناء الجاليات الكردية في أوروبا وأمريكا، للعودة بأفكارهم وخبراتهم ورؤوس أموالهم نحو مشاريع تنموية تسهم في إعادة بناء مجتمعاتهم، وتُخرج المنطقة من اقتصاد الحرب إلى اقتصاد الإنتاج والعدالة.
محمد السلوم – باحث اقتصادي