
صندوق التنمية السوري: رافعة للإعمار بين شروط النجاح وتحديات الواقع
- ودق - Wadaq
- سبتمبر 4, 2025
- اقتصاد, سوريا
- 0 Comments
دمشق – صحيفة الوطن
يُطلَق غداً “صندوق التنمية السوري” كأحد أبرز الأدوات الاقتصادية التي تُعوّل عليها الحكومة السورية لتجميع التمويل وتوجيهه نحو إعادة الإعمار وتحسين الخدمات الأساسية. وفي تحليلٍ خاص لـ”الوطن”، يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور حسن حزوري، أستاذ الاقتصاد بجامعة حلب، إمكانيات الصندوق والتحديات التي قد تحُدُّ من فاعليته.
ويرى الدكتور حزوري أن الصندوق يمثل “وعاءً مؤسسياً” ضرورياً لتنسيق الإنفاق الاستثماري واستقبال تمويلات إعادة الإعمار، لكنه يحذّر من أن “الواقع الاقتصادي مرهق، والعملة متراجعة، والثقة بالمؤسسات ضعيفة”. كما يشير إلى أن التخفيف الأخير للعقوبات الغربية قد يُسهّل التحويلات والاستيراد، لكنه لا يكفي لمعالجة إشكاليات الحوكمة والمخاطر السيادية.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن قدرة الاقتصاد المحلي على تمويل الصندوق تبقى محدودة بسبب تدهور القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، رغم بعض الإصلاحات. ويرجّح أن التبرعات الداخلية لن تكون كافية لمشاريع البنية التحتية الكبرى، معتبراً أن الدور الأساسي سيكون للجاليات السورية في الخارج والمنح المؤسسية بالعملات الصعبة.
وفيما يخص أولويات الصندوق، يشدّد حزوري على ضرورة البدء بمعالجة “عنق الزجاجة الخدمي” عبر الاستثمار في الكهرباء والماء والطرق، لتخفيض كلفة الإنتاج وتمهيد الطريق لعودة النشاط الخاص، ثم الانتقال لاحقاً إلى مشاريع إنتاجية ذات تشغيل كثيف، كمواد البناء والغذاء.
وفي تحليله لآليات التمويل، يبيّن الخبير الاقتصادي أن القرض الحسن يخفض كلفة رأس المال، لكنه قد يخلق مخاطر في غياب معايير انتقاء صارمة، بينما تساعد القروض التقليدية في تسعير المخاطر لكنها تثقل كاهل المستثمرين. أما الاستثمار المباشر فيتيح تقاسم المخاطر ويعزز الحوكمة، لكنه يتطلب مناخاً قانونياً واضحاً.
ويلفت حزوري إلى ضرورة تخصيص “جيب عملات صعبة” من التبرعات والتحويلات الخارجية لتمويل المشتريات المستوردة لمشاريع الكهرباء والمياه، مؤكداً أهمية استخدام حسابات خارجية وخطابات اعتماد لتخفيف المخاطر.
ويشيد الخبير ببرنامج “المتبرع الدائم” كصيغة للتمويل الجماعي الرسمي، شرط توفير شفافية مطلقة، وتقارير متابعة دورية، وربط التبرعات بمخرجات قابلة للقياس، وتوفير بوابات دفع دولية.
وعلى صلة بتبعية الصندوق لرئاسة الجمهورية، يرى حزوري أن ذلك يمنحه سرعة في القرار وقوة تفاوضية مع الشركاء الدوليين، لكنه يحذّر من مخاطر التسييس وتراجع الاستقلالية، مقترحاً تأسيس مجلس أمناء مستقلّ، ونشر العقود، وتطبيق نظام مشتريات شفاف.
يُذكر أن صندوق التنمية السوري يُعتبر أحد أبرز المشاريع الاقتصادية التي تطلقها الحكومة في مرحلة ما بعد الأزمة، وسط آمالٍ كبيرة في أن يشكل نواةً لجذب الاستثمارات الخارجية وتوجيهها نحو القطاعات الإنتاجية والخدمية الأكثر احتياجاً.