سد الطبقة ينزف6 أمتار هبوط والأهالي على حافة العطش وانقطاع الكهرباء

الرقة، 1 مايو 2025 – شبكة ودق الإخبارية

مع دخول مقبل على الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في شمال شرق سوريا، تشهد محافظات الرقة و دير الزور والحسكة أزمة مياه وطاقة غير مسبوقة، بعد أن انخفض منسوب بحيرة سد الطبقة خلف السد بمقدار ستة أمتار عن مستواه الطبيعي الذي يقارب 14 مليار متر³.

خزان استراتيجي يتراجع

يُعد سد الطبقة، حجر الأساس للبنى التحتية المائية والكهربائية والزراعية في المنطقة. فقد توفر محطتا توليد كهربائية كهرومائية نحو 880 ميغاواط، وتشكل مياه الخزان مصدر ري رئيسيًا لآلاف الهكتارات في الرقة وحلب ودير الزور، إضافة إلى تغذية مشاريع زراعية هامة:

•محطة البابيري: تروي حقولًا شمال وشرق وجنوب حلب، وتغذي مساحات شاسعة من المزروعات.

•محطة غواص الخفسة: تزود مياه الشرب لمدينة حلب ومنبج وريفها بمئات آلاف السكان.

•مشروع مسكنة (غرب وشرق): يروي آلاف الهكتارات غرب وشمال مسكنة في ريف حلب الشرقي.

•مشروع قناة البليخ: من جسم السد تروي حقول الرقة ومزارعها وصلول لناحية عين عيسى وهي تعتمد على المنسوب الجيد.

جفاف وخصم حصص متزامن

وكشف تقرير صادر عن مديرية الموارد المائية في الرقة أن الموسم الشتوي 2024–2025 سجّل أدنى مستوى هطول أمطار خلال أربعة عقود، لا يتجاوز 40% من المتوسط السنوي. في الوقت ذاته، ظل معدل التدفق من المنبع التركي دون 300 متر³/الثانية خلال الأشهر الماضية، رغم اتفاقات تقضي بحصة ثابتة لسوريا تبلغ 500 متر³/الثانية.

هذه العوامل أدت إلى خفض مستوى سطح الخزان إلى نحو 180 مترًا فوق سطح البحر، مقارنة بأكثر من 186 مترًا سابقًا.

معاناة المزارعين

تدهور منسوب الخزان دفع معظم مزارعي ريف الطبقة إلى الاعتماد على الآبار الجوفية.

يقول المزارع خالد العيسى (47 عامًا) لشبكة ودق الاخبارية

“نحفر آبارًا جديدة كل أسبوع تقريبًا، وتكلفة الحفر والوقود باتت تثقل كاهلنا، والمحصول بالكاد يغطي المصاريف.”

وأفاد الفلاحون في مناطق حوض البليخ وريف حلب بأن 50–60% من الحقول المروية بالفرات حُرمت من المياه، بينما حذر خبراء الزراعة من أن السحب الجائر للمياه الجوفية يسرع تملّح التربة.

أزمة مياه الشرب

توقفت معظم محطات ضخ مياه الشرب الريفية عن العمل، فانقطع الماء المباشر عن أكثر من 30 ألف نسمة. وتعتمد الأسر اليوم على صهاريج المياه بأسعار ارتفعت بنسبة تجاوزت 150%. شكاوى من طعم مالح ورائحة كريهة باتت تتكرر في ريف الرقة والطبقة.

تقول أم نضال من قرية الجُمَيلة:

“نشتري المياه المعبأة للصغير والكبير، وصهاريج المياه من أقل حل إلى غير المتاح.”

محطات غواص الخفسة ومسكنة تواجه أيضًا أداء متراجعًا قد يتوقف بالكامل إذا استمر انخفاض الخزان.

انقطاع كهربائي طويل

مع انخفاض توليد الطاقة الكهرومائية، فُرض تقنين كهربائي يصل إلى 17 ساعة يوميًا بين فترتين 11:00 صباحا –11:00 ليلاً وتواجه المستشفيات والمراكز الصحية صعوبات في تشغيل أجهزة الطوارئ والتكييف، ما دفع بعضها للاعتماد على مولدات ديزل بتكاليف باهظة.

جفاف موسمي وتهديد الأمن الغذائي

تعرض موسم 2025 لأدنى معدلات هطول أمطار منذ عقود، ما فاقم من حدة الجفاف الموسمي في المنطقة. ومع تراجع إمدادات الفرات، يواجه الأمن الغذائي خطرًا حقيقيًا مع توقعات بانخفاض المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والشعير.

أم رضوان، من سكان مدينة الرقة، تقول:

“نعاني في الرقة من انقطاع الماء والكهرباء يوميًا، والأسعار ترتفع بسبب نقص المحاصيل. البعض يبيع دقيقه بسعر ضعف ما كان عليه العام الماضي.”

وفي ريف الرقة، يروي المزارع علي الدندل (53 عامًا):

“الجفاف هذا العام لم يترك لنا خيارًا سوى ترك جزء من الأرض شاغرًا. لا ماء يكفي، ولا ضمان لتغطية نفقات البذار والمحروقات. الأمن الغذائي على المحك.”

انعكاسات اجتماعية وصحية

الهجرة: البحث عن فرص عمل خارج المنطقة وهجرة الريف الى المدينة.

الصحة: تزداد مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه، وتتأثر إجراءات التعقيم في المراكز الصحية.

النساء والأطفال وكبار السن: يتحملون العبء الأكبر جراء ندرة المياه وانقطاع الكهرباء.

جهود محدودة… ومطالب ملحة

قامت بعض المنظمات المحلية بتركيب أنظمة طاقة شمسية صغيرة وتشغيل مولدات احتياطية لمحطات محدودة، وتوزيع خزانات مياه عازلة. لكن هذه الجهود تغطي 10–15% من الاحتياجات فقط.

ويطالب خبراء الموارد المائية بـ:

1.بناء سدود لجمع مياه الأمطار محليًا.

2.توسيع الري بالتنقيط لترشيد الاستهلاك.

3.إنشاء محطات تحلية بسيطة لمياه جوفية منخفضة الملوحة.

4.إعادة التفاوض دبلوماسيًا مع تركيا بمشاركة المجتمع المدني لضمان حصة لا تقل عن 450 متر³/الثانية.

نداء أخير للدبلوماسية والعمل

طالبت إدارة السدود الخاضعة لقسد ببياناتها المتكررة بـ”ضغط دولي” لضمان الحصة المتفق عليها، وحذرت من أن استمرار الخفض سيقود إلى انهيار البنية التحتية المائية والزراعية والطاقة. في ظل توقعات باستمرار انخفاض الأمطار وتغير المناخ، تبدو دعوات إلى الجهات المعنية في سوريا للتحرك الفوري أكثر إلحاحًا، قبل أن تتحول أزمة سد الطبقة إلى ك

ارثة إنسانية شاملة في شمال شرق سوريا.

 

اترك تعليقا