زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة: من نيويورك الدبلوماسية إلى واشنطن السياسية
- ودق - Wadaq
- نوفمبر 12, 2025
- سياسة, منوع
- البيت الأبيض, الرئيس أحمد الشرع, ترمب, زيارة الشرع إلى أمريكا, نيويورك
- 0 Comments
في تحولٍ وصفه مراقبون بالتاريخي، اختتم الرئيس السوري أحمد الشرع زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة، والتي شملت مرحلتين رئيسيتين: الأولى في نيويورك حيث ألقى كلمة أمام قمة الأمم المتحدة، والثانية في واشنطن العاصمة حيث التقى بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، في أول زيارة لرئيس سوري إلى هناك منذ تأسيس الجمهورية السورية الحديثة.
منبر الأمم المتحدة: عودة الصوت السوري إلى الساحة الدولية
بدأ الشرع جولته الأمريكية في نيويورك منتصف أكتوبر الماضي، حيث شارك في قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أول ظهور رسمي لسوريا على هذا المنبر منذ سنوات الحرب.
في كلمته، دعا الرئيس السوري إلى “مرحلة جديدة من الانفتاح والتعاون الدولي”، مشدداً على ضرورة رفع العقوبات وفتح مسارات إعادة الإعمار، ومؤكداً أن “سوريا تريد أن تكون شريكاً في الأمن الإقليمي لا ساحة للصراع عليه”.
على هامش القمة، أجرى الشرع لقاءات مع عدد من القادة الدوليين، بينهم الأمين العام للأمم المتحدة، ومسؤولون أوروبيون وخليجيون، بالإضافة إلى لقاء غير رسمي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته. اللقاء حينها وُصف بأنه “استطلاع نوايا” مهّد عملياً لزيارة الشرع اللاحقة إلى واشنطن.
البيت الأبيض: زيارة سياسية غير مسبوقة
في العاشر من نوفمبر 2025، وصل الرئيس الشرع إلى واشنطن العاصمة في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى البيت الأبيض.
استقبله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، حيث جرى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، والقضايا الأمنية والإقليمية، والتعاون في مكافحة الإرهاب.
وتزامن اللقاء مع إعلان وزارة الخزانة الأمريكية تعليق بعض العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر لمدة 180 يوماً، وهي خطوة رآها مراقبون مؤشراً على بداية مسار انفتاح اقتصادي مشروط، يتيح مجالاً محدوداً للتعاملات الإنسانية والتجارية.
كما ناقش الجانبان إمكانية انخراط سوريا في جهود التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وبحث فرص التعاون في مجالات أمن الحدود والطاقة وإعادة الإعمار.
لقاءات الجالية السورية ورسائل رمزية
قبل الاجتماع الرسمي، التقى الشرع في واشنطن بعدد من أبناء الجالية السورية وممثلين عن منظمات مدنية وإنسانية، حيث شدد على أن “المرحلة القادمة تتطلب وحدة الجهود لإعادة بناء الوطن”.
هذا اللقاء حمل بعداً إنسانياً مهماً، واعتُبر محاولة من الرئيس السوري لتأكيد قربه من السوريين في المهجر واستقطاب طاقاتهم للمشاركة في إعادة الإعمار.
من الرمزية إلى التحول الواقعي
زيارة أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة، بين نيويورك وواشنطن، تمثل أول اندماج علني لسوريا الجديدة في المشهد الدولي بعد عقد من العزلة.
فالخطاب الأممي أعاد دمشق إلى دائرة الحوار العالمي، بينما لقاء البيت الأبيض فتح الباب أمام تفاهمات أمنية واقتصادية غير مسبوقة منذ عام 2011.
ورغم أن الزيارة لا تعني إنهاء العقوبات بشكل كامل أو تطبيعاً كاملاً للعلاقات، إلا أنها تضع الأساس لمرحلة جديدة من التوازن السوري بين الشرق والغرب، وتؤشر إلى تحول محتمل في موقع سوريا ضمن التحالفات الإقليمية المقبلة.
من نيويورك التي أعادت صوت سوريا إلى المنابر الدولية، إلى واشنطن التي أعادت فتح قنوات التواصل السياسي مع أكبر قوة عالمية، بدت رحلة الرئيس أحمد الشرع رسالة مزدوجة أن دمشق الجديدة تسعى إلى الشرعية الدولية عبر الدبلوماسية، وإلى الاستقرار الداخلي عبر الانفتاح الاقتصادي والسياسي.

