الدكتور أسامة قاضي رؤية اقتصادية لعالم عربي في المنفى

اقتصاد| خاص ودق

الدكتور أسامة قاضي هو واحد من أبرز الاقتصاديين السوريين في العقدين الأخيرين، جمع في مسيرته بين العمل الأكاديمي والاستشاري والسياسي، محققاً تأثيراً ملموساً في النقاشات المتعلقة بمستقبل سوريا الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب. يحمل الجنسية الكندية، ويقيم في أمريكا الشمالية، لكنه بقي لصيقاً بقضايا وطنه، مشاركاً في رسم الخطط البديلة، واقتراح التصورات الواقعية لإعادة الإعمار والتنمية، من منظور علمي حديث.

النشأة والتعليم

ولد الدكتور أسامة قاضي في مدينة حلب السورية عام 1968، وتخرج من جامعة حلب عام 1989 بشهادة البكالوريوس في الاقتصاد والتخطيط. لم يلبث أن تابع دراسته العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، فحصل على ماجستير في الاقتصاد والتجارة الدولية من جامعة ميشيغان الشرقية، وماجستير في إدارة الأعمال (MBA)، ثم درجة الدكتوراه في الاقتصاد. هذا التكوين الأكاديمي المتنوع مكّنه من الإحاطة بجوانب الاقتصاد الكلي والإدارة المالية والسياسات العامة، بأسلوب تحليلي متقدم.

المسيرة الأكاديمية والمهنية

في مطلع الألفية، بدأ الدكتور قاضي مسيرته الأكاديمية في الولايات المتحدة، حيث درّس في جامعة دافنبورت، ثم انتقل إلى الخليج العربي ليدرّس في جامعات إماراتية مرموقة، جامعاً بين التكوين النظري والممارسة العملية.

على الصعيد المهني، تولى مناصب قيادية في مؤسسات أكاديمية وإدارية منها:

رئيس المجلس السوري الكندي، وهو إطار يعزز المشاركة السياسية والمدنية للسوريين في كندا.

رئيس كلية كونكورديا للعلوم الصحية والتكنولوجية والأعمال في كندا.

رئيس المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، حيث قاد عدة مشاريع بحثية متقدمة.

كما عمل مستشاراً اقتصادياً ومالياً وإدارياً في قطاعات متنوعة، شملت القطاع المصرفي الكندي ومشاريع استثمارية متعددة.

الجوائز والإنجازات

فاز الدكتور أسامة قاضي عام 1994 بجائزة دار سعاد الصباح للإبداع العلمي، وهي واحدة من أعرق الجوائز العربية التي تُمنح للباحثين الشباب. وقد كان ذلك تقديراً مبكراً لتميّزه في مجال الاقتصاد والبحث العلمي.

ومن أبرز محطاته، ترشيحه في عام 2013 لرئاسة الحكومة السورية المؤقتة، وهو المنصب الذي اعتذر عن توليه، مفضلاً لعب دور المستشار والخبير بعيداً عن المناصب السياسية التنفيذية المباشرة.

العمل الاستشاري وصياغة السياسات

يشغل الدكتور قاضي منصب مستشار أول لوزير الاقتصاد والصناعة السوري لشؤون السياسات الاقتصادية في الحكومة السورية المؤقتة، حيث ساهم في رسم السياسات الاقتصادية البديلة وإعداد التصورات المالية لما بعد الصراع.

كما ترأس مجموعة عمل اقتصاد سوريا التي تبنتها دول “أصدقاء الشعب السوري”، وهي الجهة التي أعدت سلسلة تقارير تحت عنوان “الخارطة الاقتصادية لسوريا الجديدة”، بلغ عددها 14 تقريراً، إلى جانب ما مجموعه 34 تقريراً اقتصادياً إضافياً شملت مختلف القطاعات، إضافة إلى وثيقة مرجعية بعنوان “الدستور الاقتصادي السوري: مقترحات دستورية”.

وقد مثّل سوريا في العديد من المؤتمرات الاقتصادية الخاصة بإعادة الإعمار، أبرزها تلك التي عقدت في برلين، أبوظبي، ودبي، حيث قدم مداخلات استراتيجية واقعية قابلة للتنفيذ، تجمع بين اقتصاد السوق والمبادئ الاجتماعية.

مؤلفاته وأعماله الفكرية

أصدر الدكتور قاضي سلسلة من الكتب والأبحاث التي تناقش الجذور الاقتصادية للأزمات السياسية، وتحاول تقديم حلول واقعية. من أبرز أعماله:

“الجذر الاقتصادي للثورة السورية”

“البؤس الاقتصادي السوري: واقع الاقتصاد 2011–2022”

“الدستور الاقتصادي السوري”

“أزمة النظام الرأسمالي”

“من أجل أخلاق أفضل في القرن الحادي والعشرين”

“الحوار والديمقراطية في الشرق الأوسط”

وتعكس هذه المؤلفات اهتمامه العميق بجوانب الاقتصاد السياسي، والحاجة إلى إصلاح أخلاقي ومؤسساتي متلازم مع الإصلاح الاقتصادي.

الإعلام والعضويات

نشط الدكتور قاضي في الإعلام العربي والدولي، حيث شارك في عشرات اللقاءات التلفزيونية والمقابلات الصحفية التي ناقشت مستقبل الاقتصاد السوري، الأزمة العالمية، ومقترحات ما بعد الحرب.

كما يشغل عضويات في عدة جمعيات أكاديمية مثل:

الجمعية الاقتصادية الأمريكية (AEA)

جمعية دراسات الشرق الأوسط (MESA)

جمعية الشرق الأوسط للاقتصاد (MEEA)

معهد الشرق الأوسط (MEI)

الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية (APS)

وهو حالياً عضو في المجلس الاستشاري لمركز جسور للدراسات والبحوث، حيث يقدم المشورة في القضايا الاقتصادية والتحليل الاستراتيجي.

إن سيرة الدكتور أسامة قاضي تقدم نموذجاً للخبير الذي لم تنفصم علاقته ببلده رغم الاغتراب، واستطاع أن يسهم في صياغة خطاب اقتصادي بديل، يستند إلى المعرفة والخبرة، لا إلى الشعارات. وهو اليوم يعدّ من الأصوات العاقلة التي تدعو إلى إعادة بناء الاقتصاد السوري على أسس الشفافية، والاستثمار في الإنسان، والانفتاح الذكي على الاقتصاد العالمي.

اترك تعليقا