الانتخابات البرلمانية السورية 2025: استحقاق جديد يفتح آفاقاً للتجديد والإصلاح

خاص ودق

مع بداية شهر تشرين الثاني 2025، تتجه الأنظار في سوريا نحو صناديق الاقتراع مع انطلاق انتخابات مجلس الشعب للدورة التشريعية الجديدة، في استحقاق دستوري يتجدد كل أربع سنوات. ويأتي هذا الحدث في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية معقدة تمر بها البلاد، ما يمنحه أهمية استثنائية، سواء من حيث المشاركة الشعبية، أو من حيث الآمال المعلقة على المجلس المقبل في دفع عجلة التشريع والرقابة والإصلاح.

المشاركة الشعبية وتطلعات التجديد

أعلنت اللجنة العليا للانتخابات عن بدء العملية الانتخابية وفق تعليمات تنفيذية واضحة، شملت تحديث السجلات، وتحديد مراكز الاقتراع، وضمان تسهيل مشاركة المواطنين داخل البلاد وخارجها. وقد بدا واضحاً منذ المراحل الأولى للتحضير، أن هناك حرصاً رسمياً على توفير بيئة انتخابية أكثر تنظيماً وشفافية مقارنة بالاستحقاقات السابقة.

محلياً، تنعقد الآمال على أن تشهد هذه الدورة مشاركة أوسع من مختلف شرائح المجتمع، بما في ذلك الشباب والنساء والفئات المهنية، الأمر الذي من شأنه أن يضخ دماء جديدة في المؤسسة التشريعية. ويرى مراقبون أن إدخال وجوه جديدة ذات خبرة أكاديمية واقتصادية وإدارية سيكون خطوة مهمة نحو تفعيل دور المجلس ليكون أكثر التصاقاً بقضايا الناس.

دور المجلس المقبل في مواجهة التحديات

الملفات التي تنتظر المجلس الجديد كثيرة ومعقدة، وعلى رأسها الملف الاقتصادي الذي يمس حياة المواطنين اليومية. فمع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع القدرة الشرائية، بات مطلوباً من النواب أن يقدموا مبادرات تشريعية تسهم في تحفيز الإنتاج الوطني، ودعم الزراعة والصناعة، وتوسيع فرص العمل، إضافة إلى الدفع باتجاه إصلاحات إدارية تعزز كفاءة الجهاز الحكومي.

كما أن دور المجلس الرقابي سيكون محط أنظار الشارع السوري، حيث يطالب المواطنون بزيادة فاعلية البرلمان في محاسبة المقصرين ومتابعة تنفيذ البرامج الحكومية. ومن شأن هذه الخطوات، إن تحققت، أن تساهم في تقليص الفجوة بين المؤسسات الرسمية والشارع.

الانفتاح الخارجي والآمال الدبلوماسية

خارجياً، يُنظر إلى الانتخابات كإشارة على استقرار الحياة السياسية في البلاد، ورسالة بأن سوريا تمضي في مسار مؤسساتي يراعي الاستحقاقات الدستورية. بعض المراقبين يرون أن تنظيم الانتخابات في موعدها يمثل مؤشراً إيجابياً يمكن أن يُستثمر في فتح قنوات حوار أوسع مع المجتمع الدولي، بما فيها الدول الغربية والعربية.

وقد عبّرت بعض الأطراف الخارجية عن أملها بأن تشكل هذه الانتخابات خطوة ضمن مسار أوسع نحو الإصلاح السياسي والانفتاح، وهو ما قد يفتح الباب أمام فرص تخفيف القيود الاقتصادية، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية، وحتى التمهيد لمشاريع إعادة الإعمار.

التمثيل والتنوع داخل المجلس

من الجوانب اللافتة في التحضيرات الحالية، التوجه نحو تعزيز التنوع في تركيبة المجلس، سواء من خلال الكوتا النسائية أو عبر تشجيع مشاركة المرشحين المستقلين والمهنيين. هذا التنوع – إن تحقق – سيعزز من صورة المجلس باعتباره ممثلاً حقيقياً لمختلف أطياف المجتمع، وقادراً على نقل هموم الشارع إلى قبة البرلمان.

في السيناريو المتفائل للمرحلة المقبلة

يتطلع السوريون إلى أن يكون المجلس القادم أكثر حضوراً في الحياة العامة، وأكثر جرأة في اقتراح الحلول للتحديات اليومية، من معالجة أزمات الكهرباء والمياه والوقود، إلى دفع عجلة الاستثمار، وتحفيز القطاع الخاص على الدخول بقوة في عملية إعادة الإعمار.

وفي السيناريو المتفائل، يمكن للانتخابات أن تكون بداية لمسار إصلاحي تدريجي يعيد بعض الثقة بالمؤسسات الدستورية، ويمنح البلاد فرصة لتثبيت حالة من الاستقرار السياسي والاجتماعي. كما يمكن أن تُستثمر هذه الأجواء لإرسال رسالة إيجابية إلى الخارج مفادها أن سوريا ماضية في مسار مؤسساتي قابل للتطوير والانفتاح.

الانتخابات البرلمانية السورية لعام 2025 ليست مجرد حدث روتيني متكرر، بل هي استحقاق يحمل في طياته الكثير من التطلعات والآمال، محلياً وخارجياً. فبين رغبة المواطنين في رؤية مجلس أقرب إلى همومهم، وتطلع الدولة إلى تعزيز موقعها الدستوري والمؤسساتي، وبين آمال المجتمع الدولي بأن تشكل الانتخابات خطوة على طريق الحل السياسي والانفتاح، تبقى الأنظار معلقة على النتائج وما سيتبعها من خطوات عملية.

في النهاية، يبقى الرهان الأكبر على أن ينجح المجلس الجديد في ترجمة هذه الآمال إلى واقع ملموس، يسهم في تحسين حياة الناس، ويدعم استقرار البلاد، ويفتح الباب أمام مرحلة أكثر إشراقاً لسوريا.

اترك تعليقا