
“اتفاقية الـ10 ملايين: وهم تنموي يهدد ثقة الحلبيين بمؤسساتهم”
- ودق - Wadaq
- أغسطس 31, 2025
- اقتصاد
- 0 Comments
ودق| حلب | اقتصاد
أثار توقيع محافظة حلب مذكرة تفاهم بقيمة عشرة ملايين دولار مع منظمة تُدعى “المنظمة الدولية لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين” (IOHR) جدلاً واسعاً، بعد أن كشفت منصة “تأكد” للتحقق الصحفي أن هذه المنظمة لا وجود قانونياً لها في السجلات الأمريكية أو الدولية.
الاتفاقية التي أعلن عنها عبر الصفحة الرسمية للمحافظة أواخر آب 2025، جاءت بهدف تمويل مشاريع البنية التحتية وصيانة الطرق في المدينة، ووقعها المحافظ عزام غريب باسم المحافظة، فيما مثل المنظمة شخص يدعى مروان كنجو بصفة “المفوض السامي للجمهورية العربية السورية”.
التحقيق الاستقصائي الذي نشرته “تأكد” أظهر أن المنظمة الموقعة لم يظهر لها أي سجل في قواعد بيانات مصلحة الضرائب الأمريكية أو منصات الرقابة على الجمعيات الخيرية مثل “Charity Navigator” و”Guidestar”. كما أشار إلى أن أمينها العام، فريدريك شولمان، له سوابق جنائية تتعلق بالاحتيال الإلكتروني في الولايات المتحدة، وهو ما زاد من حدة التساؤلات.
وسائل إعلام محلية بدورها تناقلت الخبر باعتباره خطوة تنموية، مؤكدة قيمة الاتفاقية ومجالات إنفاقها، لكنها لم تقدم تفاصيل إضافية حول خلفية المنظمة أو طبيعة التزاماتها. في المقابل، لم تصدر محافظة حلب أو وزارة الإدارة المحلية حتى اللحظة أي توضيح رسمي يرد على ما أثير من تشكيك حول المذكرة أو الجهة الموقعة.
من الناحية الرقمية، رُصد موقع إلكتروني تابع للمنظمة، إلا أنه بدا فقيراً في المحتوى، ويعتمد على صور عامة وأرقام تواصل افتراضية، الأمر الذي دعم الشكوك حول كونه مجرد واجهة ورقية لا أكثر.
القضية تكشف بوضوح هشاشة بيئة التعاقد مع المنظمات الخارجية في مناطق تعاني من ضعف الرقابة وغياب الشفافية، خاصة في ظل حاجة ملحة لمشاريع خدمية في مدينة مدمرة بفعل سنوات الحرب. كما أنها تفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول مدى التزام الجهات الرسمية بالتدقيق في خلفيات المنظمات قبل إبرام اتفاقيات مالية ضخمة.
ورغم أن مشاريع البنية التحتية تمثل أولوية قصوى لسكان حلب، إلا أن غياب المعلومات الموثوقة حول الطرف الممول، وتضارب الروايات بين ما تنشره وسائل الإعلام المحلية وما كشفه التحقيق الاستقصائي، يجعلان من هذه الاتفاقية ملفاً مفتوحاً بانتظار رد رسمي أو توضيح شفاف.
الانعكاسات المحتملة على الثقة بالمؤسسات الرسمية
إن مثل هذه القضايا لا تتعلق فقط بمصير اتفاقية واحدة، بل تمس جوهر العلاقة بين المواطن والدولة. إذ أن استمرار الإعلان عن شراكات غير مدققة أو مع كيانات مشبوهة قد يؤدي إلى تآكل ثقة الناس بالمؤسسات الرسمية، ويعمّق الشعور بالريبة تجاه أي مبادرات تنموية معلنة. هذه الفجوة في الثقة قد تُترجم إلى عزوف عن المشاركة في برامج محلية، أو حتى إلى تصاعد الانتقادات المجتمعية للسلطات، ما لم تُبادر الجهات المعنية إلى اعتماد نهج أكثر شفافية ومصداقية.