أزمة اندماج “قسد” في سوريا: هل وصلت نحو طريق مسدود؟
- ودق - Wadaq
- نوفمبر 25, 2025
- رأي
- اندماج قسد, سوريا, قسد, مظلوم عبدي
- 0 Comments
خاص| شبكة ودق الإعلامية- عدي الحاج حسين
تتشابك الخيوط في المشهد السوري المعقد لتشير إلى انسداد واضح في أفق حل أزمة اندماج قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في بنية الدولة السورية.
تؤكد التصريحات المتزامنة من جميع الأطراف، والمواقف المتصلبة، والتحركات العسكرية على الأرض، أن احتمالات الصدام آخذة في التصاعد، في وقتٍ تبدو فيه لغة الحوار قد استنفدت أغراضها.
مشهد من التصعيد بين أطراف الأزمة و مواقفها المتصلبة
الموقف السوري الرسمي و خطه الأحمر عند الاندماج العسكري
يصر الوزير أسعد الشيباني على أن دمشق فعلت كل ما يمكن فعله وأن ملف الاندماج لم يتحقق، مؤكدًا أن وجود “قسد” “لم يعد له مبرر”.
هذا التصريح ليس منعزلاً، فهو جزء من إستراتيجية سورية واضحة ترفض التمديد لمهلة الاندماج بعد اقتراب انتهائها. الحكومة السورية تفضل حل القضايا العسكرية والأمنية أولاً، وتؤجل النقاشات الدستورية وشكل الحكم لمرحلة لاحقة، وهو نهج ترفضه “قسد” بشكل قاطع.
موقف قسد و مطالبتها بحقوق دستورية كشرط للاندماج
من جهتها، تتحرك “قسد” بقيادة مظلوم عبدي في مسار مغاير تماماً.
لم يعد كلام عبدي مقتصراً على شمال شرق سوريا، بل يتكلم باسم “روجافا” أو إقليم غرب كردستان، مطالباً بتمثيل للمكونات الأخرى كالدروز والعلويين في المفاوضات. لقد رفع عبدي سقف مطالبه بشكل غير مسبوق، مشترطاً للاندماج أن ينص الدستور على حقوق الكرد ويحدد شكل الحكم في سوريا (مركزي أم لامركزي)، معتبراً أن هذه القضايا الجوهرية هي “الأكثر أهمية، وبدونها يستحيل التوصل إلى اتفاق عام”.
الموقف التركي و رفضه وجود “قسد” بأي شكل
لا تترك التصريحات الواضحة لـ هاكان فيدان، التي وصفت “قسد” بأنها خطر على الأمن القومي التركي، مجالاً للشك في أن أنقرة لن تسمح بأي صيغة اندماج تحافظ على الهيكل الحالي لهذه القوات.
هذا الموقف التركي الثابت يضع سقفاً منخفضاً جداً لأي اتفاق محتمل، و يمثل تهديداً عسكرياً مباشراً و معلناً.
خيارات “قسد” الصعبة في مواجهة المأزق
و فقاً للتحليلات، فإن الخيارات المتاحة أمام “قسد” محفوفة جميعها بالمخاطر الجسيمة:
الإبقاء على الوضع الراهن: يخاطر بفتح باب الاشتباك مع القوات الحكومية، أو حتى شن عملية عسكرية تركية جديدة.
البحث عن حليف بديل عن واشنطن: يبدو خياراً مستبعداً مع فتح باب المفاوضات بين موسكو و دمشق، و الخلاف العقدي مع إيران.
الدخول في مفاوضات شاملة مع دمشق: وهو الخيار الأكثر ترجيحاً رغم أنه “سيبدد الكثير من المنجزات”، ويفضي إلى التخلي عن حلم الحكم الذاتي مقابل ضمانات بحقوق ثقافية للمكون الكردي.
التحول في الخطاب والمطالب من “قوات سوريا الديمقراطية” إلى “روجافا”
يشير تحول خطاب مظلوم عبدي من الحديث عن “شمال شرق سوريا” إلى المطالبة بحقوق “لروجافا” إلى تحول جوهري في الإستراتيجية الكردية.
هذا المصطلح ذو الدلالات القومية الواضحة، والمطالبة بتمثيل المكونات الأخرى خارج مناطق سيطرة “قسد”، يحول المطلب من مطلب محلي لإدارة منطقة إلى مشروع سياسي ذي طابع قومي أشمل، وهو ما يفسر تصاعد رفض دمشق وأنقرة له على حد سواء.
هل الحرب هي الخيار الوحيد المتبقي؟
تشير كل المعطيات إلى أن الفرصة الأخيرة للتفاوض قد تكون قد مضت.
تمتلك كل من دمشق و”قسد” حساباتهما المعقدة؛ فالحكومة السورية، التي قامت بزيارة تاريخية للبيت الأبيض و انضمامها للتحالف الدولي ضد داعش، قد يحسم ملف “قسد” عسكرياً تعزيزاً لشرعيتها و مكانتها الدولية الجديدة.
بينما تدرك “قسد” أنها قد تخوض معركة وجود في ظل دعم دولي متردد و عداء تركي مطلق.
ما لم تحدث معجزة دبلوماسية تدفع الأطراف إلى العودة لطاولة المفاوضات بتسويات غير مسبوقة، فإن ترجمة لغة التهديد إلى صدام على الأرض تبدو مسألة وقت لا أكثر، في فصل جديد من فصول المأساة السورية التي لا تلوح في أفقها نهاية.

