
مؤتمر الحوار الوطني السوري يختتم أعماله ببيان يؤكد على وحدة البلاد والإصلاحات
- ودق - Wadaq
- فبراير 25, 2025
- سياسة
- 0 Comments
اختتم مؤتمر الحوار الوطني السوري أعماله في قصر الشعب بدمشق، بحضور ممثلين عن مختلف الشرائح المجتمعية. المؤتمر الذي عُقد تحت شعار تحقيق المصالحة الوطنية، انتهى ببيان ختامي تضمن 18 مخرجاً، يُفترض أن تكون بمثابة خارطة طريق للمستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
أبرز ما ورد في البيان هو التأكيد على وحدة سوريا وسيادتها، ورفض أي محاولات لتقسيمها أو التنازل عن أي جزء من أراضيها. كما شدد على ضرورة التصدي للتدخلات الخارجية، وعلى رأسها التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والضغط لوقف الانتهاكات. لكن مع استمرار الهيمنة العسكرية لقوى أجنبية، وغياب سلطة مركزية موحدة، يبرز التساؤل حول مدى واقعية هذه الطروحات.
من الناحية السياسية، دعا البيان إلى الإسراع في إعلان دستوري مؤقت يتناسب مع متطلبات المرحلة الانتقالية، إلى جانب تشكيل مجلس تشريعي مؤقت يعمل وفق معايير الكفاءة والتمثيل العادل. كما تحدث عن تشكيل لجنة دستورية لصياغة دستور دائم يحقق التوازن بين السلطات ويضمن العدالة والمساواة. غير أن هذه الطروحات تأتي في سياق تجربة سابقة لم تحقق تقدماً ملموساً، حيث بقيت مقترحات الإصلاح الدستوري مجرد عناوين دون تنفيذ فعلي.
أما فيما يخص الحريات وحقوق الإنسان، فقد شدد البيان على ضرورة تعزيز حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان، وضمان مشاركة جميع فئات المجتمع في الحياة العامة، مع التركيز على دعم دور المرأة والشباب. كما طرح فكرة تحقيق العدالة الانتقالية عبر محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات وإصلاح المنظومة القضائية. لكن في ظل غياب بيئة قانونية مستقلة، واستمرار الممارسات القمعية، تبدو هذه الوعود بعيدة عن التحقق.
على الصعيد الاقتصادي، ركز البيان على أهمية إطلاق عجلة التنمية، وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة، مع توفير بيئة استثمارية آمنة تدعم ازدهار البلاد. كما دعا إلى رفع العقوبات الدولية التي “أصبحت عبئاً مباشراً على الشعب السوري”، مع التأكيد على الحاجة إلى إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والمهجرين. غير أن هذه الوعود تصطدم بواقع اقتصادي مأزوم، حيث الفساد المستشري، وغياب الاستقرار الأمني، ووجود بنية تحتية مدمرة تحتاج إلى إصلاح جذري قبل الحديث عن أي نمو اقتصادي.
في الجانب الاجتماعي، دعا البيان إلى إصلاح المؤسسات العامة، وتحقيق تحول رقمي يسهم في مكافحة الفساد وتحسين كفاءة الأداء الحكومي، إضافة إلى تفعيل دور المجتمع المدني في دعم عملية إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار. كما أكد على تطوير النظام التعليمي وربط المناهج بالتكنولوجيا الحديثة، لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. لكن هذه التوصيات تظل نظرية ما لم تُترجم إلى سياسات حقيقية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه القطاع التعليمي والبيروقراطية الإدارية.
البيان الختامي أشار إلى ضرورة استمرار الحوارات الوطنية، وإيجاد آليات لتعزيز ثقافة الحوار في المجتمع السوري، مؤكداً أن هذا المؤتمر ليس سوى بداية لمسار طويل من النقاشات والمفاوضات. لكن التجربة أثبتت أن الحوارات التي لا تشمل جميع القوى الفاعلة، ولا تضمن بيئة سياسية حرة، تبقى مجرد إجراءات شكلية لا تؤدي إلى تغيير حقيقي.
في الختام، قدم البيان نفسه كوثيقة وطنية تمثل عهداً بين مختلف الأطراف، وخطوة أساسية في بناء “سوريا الجديدة”، دولة العدل والحرية والقانون. لكن يبقى السؤال: هل سيتمكن هذا البيان من تجاوز كونه مجرد وثيقة شكلية، أم أنه سيكون بداية حقيقية لمسار سياسي جديد يعيد الأمل للسوريين؟